Aug 7, 2025
الإعلان والتسويق

"أضمن لك أن الفكرة بـتضرب!"
هذه الجملة قالها لي أحد المبدعين عندما كنت مديرًا في إحدى الجهات لإقناعي باعتماد فكرة إعلان تسويقي.
كان ردي حينها مازحًا: “عظيم، نكتب عقد.. إذا ضربت الفكرة أعطيك ثلاثة أضعاف قيمتها. ولكن إن ما ضربت، تعوضني مجانًا بثلاثة أضعاف قيمتها.. وطبعاً هي صفقة العمر… لأنك ضامن نجاحها :)”
الرد؟ طبعًا الرفض والتهّرب.
لأن لا أحد يستطيع أن يعلم يقينًا أي فكرة مهما بدت مبتكرة أنها تنتشر انتشارًا واسعاً قبل نشرها.
لماذا الانتشار صعب؟
الانتشار هو القدرة على جذب انتباه عدد كبير من الناس لتصل إلى ما يعرفها مالكوم غلادويل بـ نقطة التحول: عندما تتجاوز فكرة أو سلوك اجتماعي نقطة معينة لتحول إلى عدوى تنتشر مثل النار في الهشيم.
من يستطيع جذب الانتباه في عصر وفرة المحتوى؟
حيث أن هناك الآلاف من الإعلانات والرسائل والأخبار تتنافس بشراسة لجذب انتباهك. إحدى الدراسات تقدر أن هناك 3.2 مليار صورة تُنشر يوميًا. وبجانب ما يُنشر هناك ما يجذب انتباه الإنسان في عمله، وبيته، وحتى مع نفسه، ألم بطنهِ، وشرود عقلهِ.
حينما تقرر نشر ذلك الإعلان، أنت حرفيًا تقرر الدخول في حرب ضروس، مجهولة، مع الملايين في محاولة لجذب الانتباه. وحتى إن كان ما نشرت فعلاً يجذب الانتباه، فقد يصادف ذلك -لسوء الحظ-. حدثاً آخر أكثر تشويقاً يخطف الأنظار: قد يكون حدث سياسي، خبر جوهري، أو إعلان آخر مميز نشر في ذات الوقت. الانتباه محدود جدًا، فإن كان لغيرك لن يكون لك، هي معركة لصناعة ما يستحق، في الزمان والمكان المناسبان، مع الكثير من الحظ، ليتحقق الانتشار، لذا من السذاجة أن تعتقد أن عملاً إعلانياً محدداً سيقوم بتحقيق الانتشار الذي تريد، حتى وإن حالفك الحظ مرة ومرتين سابقاً.. لابد من استيعاب هذه الحقيقة للتعامل مع الأنشطة التسويقية والإعلانية بطريقة أكثر جدوى.
كيف يتحقق الانتشار إذًا؟
لا أحد يعلم تحديدًا كيف يكون ذلك، لكن تستطيع بذل الأسباب التي تزيد من احتمالية حدوث ذلك. وذلك من خلال التفكير بطريقة مختلفة ومغايرة، وابتكار رسائل تسويقية ذات قيمة حقيقية، وتحويلها إلى محتوى إبداعي، ومن ثم اختيار قنوات إعلانية وإعلامية مناسبة لنشرها، كلها أدوات مساندة لزيادة الفرصة.
ولزيادة الفرصة بشكل حقيقي لابد أن يحدث ذلك باستمرار وانتظام، أن يكون هناك أنشطة تسويقية وإعلامية مستمرة مع بذل الأسباب الصحيحة في كل مرة، لترتفع احتمالية تحقيق نقطة التحول.
هي عملية تتشابه بشكل كبير مع الفكر الاستثماري. لا أحد يعلم تحديدًا أي سهم فعلاً سيحقق النجاح؟ وهل السوق سيكون صاعدًا؟ لذا النصيحة الاستثمارية الخالدة: استثمر دائمًا، وزّع بيضك، ولا تقلق لنجاح أو خسارة استثمار بعينه، بل ركز على أداء المحفظة الاستثمارية الكلية عبر الزمن. وكذلك أقول: ابن محفظة من الأنشطة التسويقية والإعلامية، استثمر بها باستمرار، وسيحدث الانتشار.
نقطة التحول - ويكيبيديا
QUT - 3.2 Billion Images Shared Daily