Nov 4, 2025
مدير قسم الدراسات الإعلامية والعلاقات العامة | محمد عابد

أثبتت السنوات الماضية من خلال الممارسة العملية بعيداً عن التنظير أن أدوات العلاقات العامة جزء أصيل من قيادة الاتصال الاستراتيجي والمتمثل في قدرتنا على تحويل المعلومات إلى قرارات وتوجهات الرأي العام إلى فرص.
اليوم في مجال الدراسات الإعلامية والعلاقات العامة ، لم يعد النجاح يقاس بالكم وكثافة الانتشار على سبيل المثال لا الحصر بل على مدى صناعة الأثر الحقيقي الذي يمكن قياس أثره وتحليله واستثماره بالشكل الأمثل .
من الملاحظة إلى التحليل
وهنا نقف عن ممارسات العمل اليومية على عدة مشروعات اتصالية متنوعة والتي نتعاطى من خلالها مع كم هائل من البيانات والانطباعات والحوارات الإعلامية والرقمية حول مشروعات وحملات مختلفة لنجد أن الفارق الجوهري يحدث عندما تُترجم هذه الملاحظات إلى تحليل (عِلمي وعَملي) يكشف أين نتموضع وكيف يُنظر إلينا وماذا يمكن تحسينه.
لنبدأ مرحلة الفهم العميق لتصبح نقطة الانطلاق لأي حملة أو خطة اتصالية متكاملة.
من التحليل إلى القرار
ولا يخفى على الجميع ضرورة التعاطي من خلال الخبراء والممارسين مع التطبيقات العملية للتحليل SWOT على مستوى الرسالة الإعلامية نفسها.
حينها تُبنى الاستراتيجية وفق تحليل واقعي ورؤية صحيحة تَصنعُ النبرة والهوية والأفكار والمبادرات وجميع المخرجات الاتصالية بشكل فعال وآمن من جميع المخاطر والتحديات والأزمات الإعلامية او التسويقية على حد سواء.
الرصد والتحليل (رفيق الرحلة)
الرصد والتحليل (رفيق الرحلة)
وبات اليوم من الضروري الدمج بين أدوات الرصد الإعلامي الانطباعية البشرية ومنصات الرصد الإلكترونية الاحترافية والموثوقة.
ليس كونها مجرد وسيلة لقياس عدد المنشورات أو مرات الظهور وحسب بل لرصد الاثر وفهم الصدى بشكل صحيح.
يُمكننا من تحليل الانطباع العام أولاً بأول وقراءة الواقع بدقة من قبل خبراء ومتخصصين بالمجال فمن البديهي أن هذه البيانات تمنحنا ميزة الاستعداد المسبق بدلًا من ردة الفعل وهو ما يُحدث الفرق بين منظمة تتعاطى مع الأزمة عند وقوعها ، وأخرى تتفاداها قبل وقوعها.
المنهج الخفي !!
من واقع التجارب التطبيقية والممارسات في عدد من المشاريع الوطنية الكبرى، تعلمنا من فرق العمل الاحترافية أن النجاح الاتصالي لا يتحقق بالعشوائية أو الارتجال .
لأن كل ظهور اتصالي أيا كانت تسميته او مظلته سواءاً أكان إعلامياً او تسويقياً يجب أن يُبنى وفق فهم صحيح للمهمة ودراسة موضوعية للواقع وصناعة للرسائل وتحليل دقيق لـ (الجمهور والسياقات المختلفة).
حينها يحدث التكامل بين الفكر الاستراتيجي والجهد البحثي والممارسة الاتصالية ويتحول دور ادوات العلاقات العامة والدراسات الإعلامية من مجرد “التنفيذ” إلى “التأثير” ومن “الاستهلاك الإعلامي ” إلى “قيادة الرأي”.
اليوم نرى بوضوح أن مستقبل العلاقات العامة في المملكة العربية السعودية يقوم على كفاءة التشغيل والإنفاق ، بحيث يكون هناك توظيف لمخرجات الدراسات الإعلامية والأبحاث الاستراتيجية لاختيار الحلول الناجعة والفاعلة وذات التكلفة المنطقية والتي تُلبي الحاجة دون مبالغة او استهلاك للأدوات الاتصالية في غير محله .
المأمول أن نكون جزءاً من مستقبلٌ واعد يقوم على الفهم قبل الفعل والتحليل قبل النشر والتأثير قبل الظهور.
وهنا تبدأ القيمة الحقيقية للعلاقات العامة كأداة تنمية وطنية وفق مفاهيم الإعلام التنموي الذي يتناغم مع رؤية السعودية 2030 .

